الخميس، 16 يناير 2020

ملاحظات على سورة الحديد.

ملامح السورة 
المخاطبون في السورة : هم المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله
الزمان : بعد أخذ الميثاق بالإيمان وقبل الفتح.
الظرف: حالة من الالتفات للدنيا ونسيان الآخرة.
الأمر : الإيمان بالله والرسول ويتجسد ذلك في الاستجابة بالإنفاق. 

مقاطع السورة
أولاً : الآيات من ( 1 إلى 6) هذه الآيات تسبح الله سبحانه وتعالى 
ثانياً : الآيات من ( 7 إلى 11) تأمر المؤمنين بالإنفاق. 
ثالثاً : الآيات من ( 12 إلى 15) آيات تحذر من الوقوع في النفاق.
رابعًا:الآيات من ( 16 إلى 19) الأمر بالخشوع للذكر والتحذير من قسوة القلب
خامسًا:الآيات من ( 20 إلى 24) تبيين حقيقة الحياة الدنيا والتحذير من البخل
سادسًا: الآيات من ( 25 إلى 29) سلالات الرسالات السابقة، وتحويل الرسالة من أهل الكتاب للمؤمنين الشهداء. 

التكرار 
أولاً: تكرار كلمة ( النور) وذكرت في الآيات التالية: 
1- ( هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9))
2- ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12))
3- ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)) 
4- ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)) 
5- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)). 

ثانياً: تكرار كلمة ( الأجر ) في الآيات التالية : 
1- (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)) 
2- ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)) 
3- ( ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَامَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)) 


القضية المحورية في السورة : 
لو دققنا النظر لوجدنا أن القضية المحورية في هذه السورة المباركة تتعلق بالإنفاق، الآيات الشريفة تدعو المؤمنين للإيمان بالله والرسول والإنفاق في سبيل الله، ووضحت أن المؤمنين مستخلفين في هذه الأموال، ثم قالت (فالذين آمنوا منكم) ومقتضى هذا الإيمان هو الإنفاق، ثم حذرت من الوقوع في النفاق، بعد السقوط في قسوة القلب وعدم الخشوع لذكر الله. 

ثم وضعت الآيات الشريفة الحل لقسوة القلب وإعادة الحياة فيه حياته وهو الإنفاق، الإنفاق يحيي القلب، فإذا خشع القلب للذكر آمن وإذا آمن حق الإيمان أنفق، فالإنفاق سبب ونتيجة في الإيمان. وإذا آمن المؤمن حق الإيمان بكلمات الله وقبل أن يأتي الفتح الذي يعد آية كبرى لصدق نبوة النبي محمد (ص)، عد هذا المؤمن من الصديقين والشهداء الذين يؤتون أجرهم عند ربهم، وسيفعل حينها العلم الذي تتحدث به الآيات الشريفة.

الآيات الشريفة تعطي ملامح الإيمان وملامح النفاق في مؤشر الإنفاق، فإما أن يكون المؤمن كريماً في سبيل الله، لذا يحظى بالأجر الكريم، أو أن يكون بخيلًا في ذات السبيل ولكنه كريم مسرف على نفسه، يستخدم هذه الأموال التي هي ليست له وإنما هو مخول عليها في التباهي على الآخرين. 

المؤمنون في هذه المرحلة التي تتحدث عنها السورة الشريفة في مفرق طرق، فإما أن يواصلوا في ذات الطريق الذي آمنوا به، أو أن يسقطوا في وحل النفاق، ويصطبغوا بألوان الإيمان ولكن دواخلهم لا تعيشه حقًا، ولذا تعطي السورة صورة الآخرة التي يفرق فيه الله سبحانه وتعالى بين الإيمان والنفاق، ويذكر حقيقة أنهم كانوا يوماً ما معاً، ولكن الفئة المنافقة غرتها الحياة الدنيا ولم تؤمن بحقيقة ما يذكره الله وتربصت بالرسول والمؤمنين فكانت عاقبة أمرهم خسرا، وفي المقابل فإن الله اجتبى الفئة المؤمنة فتنة طول الأمد وبعد ثباتها على الحق لتكون حاملة لرسالته خلفًا للأمم السابقة في الوقت الذي يعتقد فيه أهل الكتاب أن الرسالة لن تكون في غيرهم أبدًا.